ما أشبه اليوم بالأمس !

كثيرا ما تمر بنا أحداث و مواقف و روايات و حكايات نشعر أنها تكرر نفسها لا يتغير فيها إلا الزمن و الشخوص التي تتعلق بها على سبيل المثال و ليس الحصر البخل مثلا هناك قصة رواها الجاحظ مفادها أن شاعرا امتدح والي خراسان بقصيدة ، فلما فرغ منها قال الوالي : قد أحسنت. ثم أقبل على كاتبه فقال: أعطه عشرة آلاف درهم. ففرح الشاعر فرحاً شديدا. فلما رأى حاله قال: وإني لأرى هذا القول قد وقع منك هذا الوقع.. اجعلها عشرين ألف درهم، فكاد الشاعر يخرج من جلده. فلما رأى فرحه تضاعف قال: أعطه يا فلان أربعين ألفا. فكاد الفرح يقتله. ثم إن كاتب الوالي أقبل على الوالي قائلا : سبحان الله! إن أي شاعر يرضى منك بأربعين درهماً، تأمر له بأربعين ألف درهم! قال الوالي : ويلك! وتريد أن تعطيَه شيئاً؟ قال: وهل من إنفاذ أمرك بدّ؟ قال الوالي: يا أحمق! إنما هذا رجل سرَّنا بكلام فسررناه بكلام. وهو حين زعم أني أحسن من القمر، وأشد من الأسد، وأن لساني أقطع من السيف، وأن أمري أنفذ من الرمح ، هل جعل في يدي من هذا شيئاً أرجع به إلى بيتي ؟ ألسنا نعلم أنه قد كذب؟ ولكنه قد سرنا حين كذب علينا، فنحن أيضاً نسره بالقول ونأمر له بالجوائز وإن كان كذباً، فيكون كذب بكذب وقول بقول. فأما أن يكون كذب بصدق، وقول بفعل، فهذا هو الخسران المبين .
و في وقتنا هناك حكاية مشابهة لها مفادها أن رجلا يكسب الرزق من بيع البطيخ......يحضر البطيخ من مدينه بعيدة بواسطة قارب يسير فيه بالنهر ،ليبيعه في سوق المدينة و من ذلك يكسب قوته وقوت عياله وكان الرجل يصحب ابنه في أحد رحلاته في مرة من المرات
وذات يوم رأى الرجل اعرابيآ يقف على شاطئ النهر....وهو ينظر ويتأمل بشده لما في القارب من بطيخ فلم يهتم به الرجل البخيل..ولكن الأعرابي صاح به: السلام عليكم , و هو لا يرد السلام , ثم قال : الله يساعدك فقال له الرجل البخيل :الله لا يساعدك فخجل الأعرابي فابتعد عن الشاطئ.... فتعجب الولد مما راى من تصرف أبيه ،وساله:لماذا فعلت ذلك ؟ ولما اخجلت الرجل بهذا الجواب؟...... فقال الأب لأن السلام يجر الكلام... والكلام يجر البطيخ....؟؟فقال الأبن وكيف ذالك يا أبي فقال الرجل هو سيبدأ بالسلام .... وساضطر انابالرد عليه....ثم يقول:ماذا لديكم؟؟ فأقول:بطيخ...فيقول انشاء الله حلو فأقول: طبعآ حلوفيقول هلا اعطيتنا واحده صغيرة لنتذوقها.....فأعطيه البطيخة...لذلك قلت لك بان السلام يجر الكلام والكلام يجر البطيخ...ولذلك قطعت بداية الأمرحتى اصل إلى هذه النهاية ... فتعجب الولد من منطق أبيه .
و كما ينطبق الأمر على البخل فهو ينطبق على كثير من الأمور
و عفانا و عفاكم من البخل و البخلاء
و أختم قولي ببيت من قصيدة لإيليا أبو ماضي يقول فيها :
من ليس يسخو بما تسخو الحياة به *** فإنّه أحمق بالحرص ينتحر
و لجمهور المنتدى واسع النظر في الأمر ...... انتهى

فعلا أخي ما أشبه اليوم بالأمس .
شكرا أخي في الله على هذا الموضوع القيم